Thursday, February 26, 2009

بشاير "مدام روج

1
ارتشفت الحياه من بين أصابعه، تحاكينا عن الأزمان القديمة، كنت معه أنا، وكان معي هو، لذا لم أزهده ولم أمل.
لازلت أرانا ونحن نخترق الحوانيت المزينة بالقماش، المنسوجات، الزجاج، والنحاس، كنت أري بأركانها رجال نحت الزمان بقدسية علي وجوههم خطوط الجاه والأحلام، بسماتهم عبق، وعرقهم يضيء سمرتهم في شموخ.
بين جوانب الحياة لازلت أراه يحول رأسه ويميل بها نحوي، يحادثني لأني كنت هنا، وأحادثه لأنه كان الأول الذي لم أصنعه، بكل ما كان .. كنت أحبه هكذا، ابتعادي كان حتمي، فأنا هكذا سليلة الأشراف، رضيعة الزمان الأخرس، ربيبة الحمقي وسيدة المساطيل.

2

"شوفته امبارح ف الحلم، وكأن كل حاجة كانت نايمة جوايا وصحيت!"
لا رفقة للحكايات، ولا حكايات، فقط نوستالجيا تجتاح عوالمي في صمت .. شموع في أبعاد المشهد .. ليل .. داخلي .. خارجي، صمت .. نوستالجيا!

3
سحرالأيام أنها تتقلب بنا جميعا وتحيلنا تارة من أحياء الي أشياء، وتارة أخري من أشياء إلي أحياء، اليوم ، وأنا أستشعر "مدام روچ" تثور وتتحضر لموعدها بالقرب من نهاية الشهر، كأنني أدمن النظر الي انعكاس هيئتي في المراه، أعشق تموجات جسدي، امتلائه .. وقصة شعري الجديدة، بها أشعر أني غجرية راقصت كل الرجال ثم رحلت خلال تطوحاتهم في صمت. اليوم- مع كل طلة بالمراه- أراه وهو يقبض علي المقص الستانليس بنعومة ويقص لي شعري بعشق تام ولمدة أربعين دقيقة دون توقف، لم يكن يحمل الخمس وستون عاما الذي يعرفونه وأعرفه بهم فوق ظهره، بل كان طائر أسود بجناحين، يطير منفردا بين الخصلات!



4
رأيتها في المنام ليلة أمس، وكان في مواجهتي رجل- لا أعرفه، كان يراودني بنظراته وكأنه يداعب الأنثي النائمة تحت مراة عيني، أقبلت عليه من وراء المراة، فمد جسده نحوي، ومن خلال جثته المقتربة رأيتها في حجرة مقابلة تفترش السرير ذو العمدان النحاس والناموسية التل، هذا السريرالملوكي الذي كنت أعشق تسلقه ليلا حتي أنام فوقه بجوارها في سكينة، نعم .. كنا نغني لمحمد فوزي كل ليلة..
أدي القرنفل دي ريحته تشغل قادر وي ..
أذكر جيدا رنة صوتها القوية، وإحساسها الهائم في الغناء وامتلاء أركان بيتها الخاوي به، وكأن كل شيء يحدث الان، تذكرت أنها رحلت عذراء، حولت وجهي عن الرجل الذي لا أعرفه، وأجبرت رأسي علي الإستيقاظ ..
تفلت ثلاثا فوق كتفي الأيسر
..
"هو أنا هموت لوحدي أنا كمان واللا إيه؟!”

2 comments:

-_- said...

الفتاة النائمة تحت مراة عيني

جملة قوية .. اضعفت القصة

Marwa Hasan Abdel Salam, Translator said...

جميلة جدا مسحة الحنين اللي دايمًا بحسها في كتاباتك يا فاطمة. والمرة ديه مش بس حنين، ده شوق كمان. الله عليك. كل أحاسيس المرأة - في نظري - بتتلخص في الاتنين دول وبس. الحنين والشوق.